ينتسب الأمير بدرخان إلى أسرة((أزيزان-عزيزان)) الكردية العريقة التي حكمت إمارة الجزيرة منذ العهد الأموي وحتى أواخر القرن التاسع غشر، ولد الأمير بدرخان حوالي عام((1209هجري-17اسمه بدرخان بن عبد الله خان بن مصطفى خان بن إسماعيل خان، ثم يتدرج نسبه حتى يصل إلى جده عبد العزيز.
تولى الإمارة سنة((1227هجري-1812م))وهو يبلغ من العمر18ربيعا وقد كان رصينا وحازما وذو عقل راجح غيور على مصالح قومه، مما أكسبه محبة الجميع وما أن توطد نفوذه حتى سعى لإنقاذ البلاد الكردية من الإحتلال العثماني وإنشاء دولة كردية مستقلة،
فانصرف إلى تنظيم أمور إمارته من الداخل فشكل مجلسا للإشراف على المالية والجيش والقضاء وأعد جيشا نظاميا من أكراد بوطان وأنشأ معملا للسلاح وآخر للذخيرة في مدينة الجزيرة وشجع الحركة العمرانية والتجارة والزراعة، ووضع حدا للنزاعات الداخلية وأعمال السلب والنهب، ونظم جمع الضرائب ووفر الأستقرار والأمن فانتشر العدل في البلاد وأصبحت إمارته مضرب المثل((من وطن بدرخان يسافر الطفل وفي يده ذهب)) وبعد أن وطد حكمه دعا زعماء الأكراد إلى الإجتماع في مدينة الجزيرة لتوضيح هدفه الرامي إلى الأنفصال عن الدولة العثمانية وتم تشكيل رابطة أخوية بينهم سميت((الإتحاد المقدس)) من أجل القيام بثورة عامة ضد الدولة العثمانية لتحرير كردستان و تشكيل دولة كردية مستقلة، وقد أثارت أعمال بدرخان هذه قلق السلطان العثماني الذي لجأ إلى إثارة النعرات القومية والدينية داخل إمارته وقد ساعدته في ذلك البعثات التبشيرية وخصوصا الإنكليزية والأمريكية التي كانت تنتشر في مختلف أنحاء كردستان.
وأرسلت الدولة العثمانية جيشا كبيرا للقضاء على حركته، إلا أن المير بدرخان بك ألحق هزيمة منكرة بالجيش العثماني، وعقب انتصاره هذا أعلن بدرخان استقلاله عن الدولة العثمانية وذلك في عام1258هجري-1842م وضرب النقود باسمه ورفع علمه الخاص فوق مدينة الجزيرة التي اتخذها عاصمة لدولته.
فأعدت الدولة العثمانية حملة عسكرية كبيرة بقيادة((عثمان باشا)) سميت بحملة كردستان وأمر السلطان بجمع قوات من المتطوعين من العراق والبلاد العربية لتنضم إلى الحملة، وفي طريقها إلى كردستان اتبعت الحملة سياسة الأرض المحروقة ودمرت القرى والمزارع الكردية لمنع سكانها من تقديم المساعدة لبدرخان، وعندما علم بدرخان بنبأ الحملة تمركز بجيشه قرب ((أورمية)) والتقى الجيشان هناك وتمكن جيش الأمير من الصمود أمام القوات العثمانية رغم تفوقها بالعدد والعتاد ، وعندما إزداد الضغط التركي على الجزيرة، أمر الأمير بإخلاء العاصمة والتجأ إلى قلعة((اروخ))الحصينة التي حاصرها الأتراك لمدة ثمانية أشهر نفذت خلالها المؤن في القلعة، فخرج بدرخان برجاله واقتحم صفوف المحاصرين مستبسلا في القتال إلى أن إنكسر جيشه والقي القبض عليه فأرسل مع اثنين من أولاده وكبار رجالات دولته إلى الآستانة عام1848م، فنفاه السلطان إلى مدينة((قندية)) في جزيرة كريت وقد استقبل من قبل سكانها بحفاوة ولعب دورا كبيرا في تسوية النزاع بين المسلمين والمسيحيين فيها.
سوبعد عشر سنوات انتقل إلى استنبول ومن ثم إلى دمشق التي عاش فيها سنتين حيث وافته المنية تاركا اثنان زأربعون ولد نصفهم من الذكور، وقد دفن في مقبرة الشيخ خالد النقشبندي في حي الأكراد بدمشق سنة 1868م.